ممالك السماء - قصة قصيرة - خيال علمي

تأليف : محمد جمال الذياب

يحكى أن التفاوت الطبقي تعاظم في تلك الأعوام

مما دفع بالطبقات الغنية لبناء مدنهم على جزر عائمة في السماء لتصعب على بقية سكان الأرض بلوغهم

لم يصل احد اليهم طوال 500 عام

سام كان احد السكان في قرية هازل

وصل لعمر ال7 سنوات و هو يقضي يوميا أوقات طويلة في تأمل جمال تلك الجزر و هي تطفوا بين السحاب

كان يحلم يوميا بالوصول لها

ألف قصصا عما يمكن أن يجده هناك - من سيلتقي - كيف سيتصرف ماذا سيرى ... الخ

يتابع كل تلك الأوراق التي يرسلها سكان السماء

كانوا يرسلون أطنانا من الأوراق يلتهمها بشغف على عكس بقية السكان ممن لا يهتمون سوى بالأمور الأخرى التي يرسلها سكان السماء كالأغذية و الأدوات المعدنية التي يصعب عليهم صناعتها

و في احد الأيام شاهد أحد الوفود السياحية التي تزورهم من تلك المدن الطافية

ركض إليهم و كلم أحدهم طالبا أيضا زيارة تلك المدن الساحرة

كما كان يطلب من كل الوفود السابقة

و ككل الوفود السابقة رفضوا طلبه بلطف و ابتسامة رغم أن حاول بجهد أن يشرح لهم مدى رغبته بالوصول لتلك المدن و لأماكن معينة كسفينة مالا و رمح زاهر و مروج إيزارو ...

أعجبت رئيسة الوفد كما كل مرة هذا الطفل الصغير لكن أيضا ككل مرة ترفض طلبه بابتسامة لطيفة

أساسا القرار ليس بيدها

لكن في هذه المرة كان ضمن الوفد سائح جديد كان يملك منصب كبير في مدن السماء و اخبر الطفل بانه يستطيع زيارة مدن السماء بعد شهر إذا احضر والديه لتأكيد موافقتهم

استغرب جميع أصحاب الوفد فقد كان هذا أمر محرم من مئات السنوات

لكن سام طار فرحا راكضا إلى والديه الذين لم يصدقوا طفل بخيال واسع قبل تأكيد كل من كان برفقة الوفد السياحي

بعد شهر عادة السفينة من المدينة الطافية القريبة البعيدة

لتجد سام بانتظارها مع والديه على أحر من الجمر لكن ليس بمفردهم

بل بوجود العشرات من القرية و من الأماكن و المدن المجاورة

هذا أمر نادر كلهم قدموا لتوديعه

انطلقت السفينة بسام و أحلامه لتحط بعد فترة وجيزة بأرض مدينة إيلا الساحرة

كان الجمال أشبه بالسحر ... استغل سام كل لحظة ... متع عينيه بكل شبر بينما بدأت شيلا المرشدة السياحية مرافقته في أجزاء المدينة

شوارع مرصوفة بحجار زرقاء و أرصفة بيضاء محلات بواجهات جميلة و راقية و طرق تعج بأناس يرتدون ملابس أنيقة

لم تكن البيوت الجميلة محاطة بحراس كما كان يتوقع ... كان بإمكانه لمس الحجارة البيضاء بيديه

لم يستخدموا الخيول للتنقل بل كانت تلك مراكب الطائرة التي كان يرى صورها في الصفحات هي من كانت تنقل الناس

كانت المطاعم نظيفة تناول طعاما لذيذ بالرغم من عدم احتوائه على اللحم !!

عاد في المساء مشتاقا لفراشه البسيط لكن ما حدث في اليوم التالي كان أمرا مختلفا

زاد اشتياقه للوصول لتلك الجزر ... سمع أنهم بدأوا باستقبال الأشخاص المميزين 

الأذكياء - الأقوياء - الأغنياء ...

بدا العمل ... القراءة ... بذل جهد كبير .... لكن ذلك لم يكن كافيا

مضت السنوات ليصل سكان مدن السماء لتقنيات كان يحلم بالوصول لها لكنه بقي في مكانه

توقف أخيرا و انطفأت جذوة اشتياقه بعد اكثر من 25 عام من المحاولة

مرت سنوات أخرى قبل وصول حدث كبير ... دخلت قريته ضمن اراضي العام الجديد وهبطت الجزيرة العائمة و بات بإمكان أي شخص زيارة المدينة بكل سهولة و بالعكس

لكنه لم يذهب تابع أعماله و حياته البسيطة إلى أن اضطر بعد سنوات للإنتقال لتلك المدينة بسبب تعيينه هناك من الشركة التي يعمل لديها

لم يتغير الكثير رغم مرور ثلاثين عام لكن نفسه تغيرت فلم تعد تلك الحجارة تبهره من قريب أو بعيد .... بات يعتبرها حجارة لا اكثر

استلم المكتب ... اعجب بترتيب الموظف السابق ليخبره زميله في الغرفة أنه انتقل إلى \"الكواكب الجديدة\"

كان الانتقال الى هناك حلم كل موظف ... مجموعات كوكبية صناعية تدير أنظمتها روبوتات متقدمة و كل جدران و أراضي مدن تلك الكواكب مكونة من شاشات

في المساء استلقى في الصالة الكبيرة ... تذكر كلام زميله في المكتب ... حمل فنجان القهوة ... فتح الباب الزجاجي متوجها للفناء ناظرا للنجوم ...

تنهد قائلا : قدر البعض العيش على النجوم و قدر البعض الموت على الأرض

عاد إلى غرفته الدافئة و تابع حياته .…